مع هذا التطور المتسارع لتقنيات الاتصالات من حولنا, ظهرت أجهزة الهواتف الذكية ذات الكاميرات المدمجة, وأصبحنا أمام محك أخلاقي في المجتمعات, خصوصاً مع هذا الكم الكبير من الشبكات الاجتماعية التي تنشر الصورة في لحظتها.
ما المشكلة في ذلك ؟
مع أني أرى أن انتشار الكاميرات بهذا العدد ظاهرة جيدة تنقل لنا جماليات الحياة التي التقطها ذلك الشخص بهاتفه الذكي, لكن هذا لا يعني أن ثمة ظواهر سلبية نشاهدها في حياتنا اليومية وتصلنا عبر حساباتنا الاجتماعية وتطالعنا بها الصحف الإلكترونية والمنتديات والمدونات.
استطيع القول أن أبرز الظواهر السلبية هو تجاوز الحقوق الشخصية للفرد بتصويره دون أذن, ولأننا نعيش في مجتمع له سماته الخاصه التي لا يقبل أن تلتقط له صورة ناهيك عن نشرها أمام الجميع, هذا ما جعل الصورة أداة ابتزاز بنشر الصور الخاصة.
ما يراه الآخر خارج بلادنا أنها صورة عادية, نعتبرها عيباً وهتكاً لأسرار الخصوصية للفرد حسب تعاليمنا الدينية والاجتماعية.
بإمكان أي أحد أن يأخذ جولة بسيطة في هاتفه وفي رسائل الواتساب أو عبر الشبكات الاجتماعية المتعددة أو عبر موقع الفيديو الشهير “يوتيوب”, ليجد نفسه أمام الآلاف من الصور ومقاطع الفيديو غير القابلة للنشر.
من ذلك الظواهر السيئة التي بدأنا نشاهدها بكثرة هو تصوير الجرحى أو الموتى في الحوادث ونشرها أمام الملأ وكأنها سبق صحفي, دون مراعاة لحرمة ذلك الشخص أو أدنى تقدير لشعور أهله وأصحابه .
خلال الأشهر القليلة الماضية نُشرت الكثير من الصور التي تجاوزت الحدد الأخلاقية, مثال ذلك: صور انفجار ناقلة النفط في الرياض وبعض الصور الرياضية لبعض اللاعبين وبالأمس القريب صورة الطالب المتوفى- رحمة الله عليه- في جامعة الملك خالد بأبها.
ما الحل أمام هذه الظاهرة المزعجة؟
نحن أمام ظاهرة لن نستطيع منعها, لكن باستطاعتنا أن نزرع القيم التربوية الحقيقية لا أن نتظاهر بالتدين ونحن نخفي نفوساً مريضة تبحث عن الإثارة بالتشهير أو الإنتقام.
في وقتنا الحاضر, لا تكاد ترى طفلاً إلا وقد حمل بين يديه جهازاً ذكياً, فنحن أمام تحدي جديد وقد تستفحل الظاهرة بشكل يصعب السيطرة عليه, اطرح عليكم مجموعة من الأفكار التي أتمنى أن نطبقها جميعاً لنرتقي بمجتمعنا:
# البيئة المنزلية
الدور الأكبر في تربية النشء يقع على الوالدين وأسرة الطفل, سؤال أطرحه أمامك:
هل بيّنت لأطفالك كيفية التعامل الصحيح مع الكاميرا في التقاط الصور, وشرحت لهم معني الخصوصية للآخرين؟
#البيئة التعليمية
لماذا لا توجد في مناهجنا التعليمية مواضيع تعلم الطلاب كيفية التعامل مع هذا الأمر بأسلوب تربوي مدروس, نحن أمام جيل جديد متشبع تقنياً قبل دخوله للمدرسة, ماذا قدمت مناهجنا لهم ؟
#البيئة الحكومية
يأتي الدور الحكومي بتطبيق الأنظمة بصرامة لكل متجاوز, قد يقول أحدكم: هناك نظام صادر ومصدق من مجلس الوزراء في مكافحة الجرائم الإلكترونية, لأعيد السؤال عليه: هل يطبق القرار ؟
والدور موصول بوزارة الثقافة والإعلام بمعاقبة أي صحيفة الكترونية تتجاوز أبسط أخلاقيات المهنة الصحفية.
نقطة الختام
هل أصبحنا أمام ظاهرة باباراتزي سعودية بشكلها الجديد؟
من هم الباباراتزي ؟
مجموعة من المصورين مهمتهم الرئيسية ملاحقة المشاهير في كل مكان لآخر من أجل الحصول على الصور خصوصا الفاضحة وذلك لبيعها على وكالات الأخبار والمواقع والمدونات مقابل مبالغ مالية قد تصل لآلاف الدولارات.
كلامك يا أستاذي في قمة العقلانية , ولكن أين من يسمعك ..
أنت كما يقال في المثل العامي (( تنفخ بقربة مشقوقة )) .